وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ أبنا ــ فيما يبقى الجنوب السوري مسرحاً لتحولات متسارعة ومعقّدة، أثار الاعتداء الصهيوني الأخير على منطقة «بيت جن» اهتمام الرأي العام والمحلّلين، كاشفاً عن أبعاد جديدة في استراتيجية تل أبيب ضمن الحدود السورية. وفي الوقت نفسه، أدّى الجدل حول أداء «سلطة الأمر الواقع» بقيادة أحمد الشرع (الجولاني) ومواقفه إزاء الاعتداءات الإسرائيلية، إلى مزيد من التوتر في المشهدين السياسي والأمني لتلك المنطقة.
ولفهم أعمق لهذه المستجدات وتقييم انعكاسات المقاومة المحلية على مجريات الهجوم، أجرينا هذا الحوار مع الخبير السوري البارز الدكتور رفيق لطف، الذي قدّم رؤية واضحة ومفصلة تكشف حقيقة أهداف العدو وما يجري على الأرض.
وقال الدكتور رفيق لطف، رداً على ما يُطرح حول طبيعة الهجوم الصهيوني: إنّ العملية لم تكن مجرد «مهمة اعتقال محدودة» كما روّج لها العدو، بل كانت في جوهرها خطوة توسّعية تهدف إلى ترسيخ وجود دائم للكيان في الجنوب السوري.
وأضاف: إنّ الأهالي الذين يعيشون على تماس مباشر مع الحدود يدركون جيداً طبيعة المشروع الإسرائيلي، ولذلك شعروا بالخطر المباشر وتيقّنوا أن الاحتلال لا يدخل أرضاً ليغادرها، وهذا ما يجعل ما جرى «مشروع احتلال لا عملية أمنية».
وقال، الخبير السوري تعليقاً على ما إذا كان الهجوم يمثّل نقطة تحوّل: إنّ المفاجأة الأساسية للكيان تمثّلت في اكتشافه أن إسقاط السلطة السابقة لم يؤدِّ إلى إنهاء المقاومة، بل كشف أن الشعب نفسه لا يزال يحمل عقيدة الدفاع ذاتها.
وأضاف: إنّ الظروف اليوم أصعب بكثير من الماضي، فالمقاومون يعانون ضعف الإمكانات وغياب الأسلحة التي كانت متوفرة للدولة سابقاً، ومع ذلك استطاعوا إلحاق خسائر لم يكن العدو يتوقعها، بعدما كان يظن أنه يتقدم في «نزهة عسكرية».
وقال لطف في معرض توضيح كيفية إفشال القوة النخبوية الصهيونية: إنّ الشباب اعتمدوا على خبرات اكتسبوها خلال سنوات الحرب، لكن العامل الحاسم كان إحساسهم بأنهم في مواجهة خطر وجودي دون أي سند خارجي، وهو ما دفعهم إلى عمليات استشهادية أربكت العدو.
وأضاف الخبير السوري: إنّ استعانة إسرائيل بالطيران مؤشر واضح على فشل قواتها الخاصة على الأرض، ما دفعها إلى اتباع سياسة الأرض المحروقة ضد المقاومين والمدنيين، مؤكداً أن الرسالة التي وصلت للعدو هي أن غياب الجيش السابق لا يعني أن الشعب توقف عن الدفاع عن أرضه.
وقال في قراءته للهجوم ضمن المشهد الإقليمي الممتد من غزة إلى لبنان وسوريا، إنّ ما يروّجه الكيان الصهيوني من إنجازات ليس إلا «نشوة إعلامية»، فالمقاومة في غزة لم تُهزم، ولبنان لا يزال متمسكاً بسلاحه، أما المفاجأة فكانت في سوريا حيث ظهرت مقاومة محلية أربكت القيادة الصهيونية.
وأضاف لطف: إنّ الكيان يحاول تحقيق أي إنجاز لتهدئة جمهوره في ظل تزايد الهجرة العكسية، لكن نتنياهو فشل في تقديم الطمأنينة، بينما المقاومة في الإقليم تتجه نحو تصعيد أكبر.
وقال الخبير السوري، تعليقاً على احتمال الرد الرسمي السوري: إنّ «سلطة الأمر الواقع» لا تبدو في وارد أي رد، خصوصاً بعد تصريحات تساوي بين المقاومة والكيان وتفاخر بأنها أخرجت إيران والمقاومين من سوريا.
وأضاف: إنّ المواقف الأخيرة — ومنها عدم الاحتفاظ بحق الرد — تؤكد أنها لا تتجه نحو مواجهة، بينما المقاومة الشعبية ستبحث عن الطريقة المناسبة للرد بما ينسجم مع دماء الشهداء.
وقال، في تقييمه لعام من إدارة الجولاني: إنّ الأخير منذ اليوم الأول قدّم تطمينات واسعة للكيان الصهيوني، وجعل المقاومة عدواً مباشراً له، متجهاً نحو واشنطن وأوروبا، بل واجتمع مع الإسرائيليين في أكثر من مكان.
وأضاف الدكتور لطف: أن هذا السلوك كشف أن هدفه الأساس حماية الكرسي، لا حماية الأرض، وأن فصائل كثيرة صُدمت من تبدّل خطابه ومنهجه حتى ظهرت تهديدات صريحة بأن استمرار التمدد الإسرائيلي سيقود إلى تحرك ضد الكيان وضد القصر الجمهوري.
وتابع: أن المعلومات حول مساعٍ لجعل الجنوب «منطقة منزوعة السلاح» ومنع الطيران السوري من التحليق تجعل المنطقة حزام أمان للكيان، وهو ما يزيد الغضب الشعبي ضده.
وختم الخبير السوري بالتأكيد على أن المؤشرات كلها تدل على أن الجولاني «صناعة بريطانية»، ولا يمكن التعويل عليه في أي مشروع مقاوم، وأي ادعاء بالمقاومة سيكون مجرد غطاء لحماية سلطته.
............
انتهى/ 278
تعليقك